فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

قصة وسرد

وتعود الذكريات

هالة عبادي

 

في المطار التقيا، كان يجلس إلى طاولة في صالة المطار، يحمل سيجارة بيده اليسرى بينما يكتب باليمنى شيئاً ما، لم يكن وجهه مرئياً، لكنها أحست رائحةً معروفةً أعادت إلى ذاكرتها شيئاً تألفه، اتجهت نحوه ووقفت قبالة الطاولة ممسكة بيد صغيرها، انحنت قليلاً وأخذت تشمه خفية، فإذا به يرفع رأسه.

بدهشة راحا يتبادلان النظرات من تلك المسافة غير المريحة ثم تراجعا…

السيدة التي هزمته بأنوثتها، السيدة التي خذلته في لحظة ارتباك ثم ندمت، ها هو يلتقيها الآن بالمطار تجر طفلها وتعض إصبعها، لقد تعرفت إليه من رائحته فوقفت مشلولة لا تستطيع الحركة.

_حبيبي قالت… ثم اعتذرت إنما هي زلة لسان_كانت عيناها تبرقان بألم_

_ زل لسانك… لا تعتذري، ما في القلب تظهره زلات اللسان_ قال ثم أطلق تنهيدة_

_لم أتخيل أن رجلاً يمكن أن تعذبه امرأة.

_ضحك بمزاج رائق وأشار إليها بالجلوس تفضلي ثم قال بلى نتعذب نتألم لكن نصمت

_تحدثت بصوت لين دغدغ ذاكرته” لقد بحثت عنك، أرسلت الرسل، قالوا أنك تزوجت.

_كنت أتسكع  في أزقة المدينة، أحوم حول دارك، ولا أجرؤ على الاقتراب، خفت أن تلتقي عيني عيناك فترى فيهما شيئاً من انكساري،  لذا قررت الغياب .

كان قد وصل إلى تحقيق الكثير من أحلامه… السفر، البيت السعيد، الزوجة الوفية، والأولاد و نجاح يتلوه نجاح….وها هو يتعلل بالوقت كي يشفي جرحاً مرت عليه السنين.

الكلمات التي كانت تود أن تقولها ماتت وبقيت شاردة الذهن تضغط يد صغيرها بيديها حتى صرخ الصغير ماما يدي….

“أهو مكتوب علينا الانتظار أم نحن من ننتظر من نعلم يقينا أنهم لن يعودوا” قالتها وأكملت قهوتها على عجل ثم مضت….

لقد كانت بحاجة إلى محصلة تلك المرحلة كي تبدأ حياتها بوضوح.

لا تزال تحبك، لا تزال أملاً لها، إنها تعنيك، كانت تنتظرك، هل ضللت الطريق يا قلبي ومضى خلفها، لكنها رحلت … الآن افترقا.

وعاد يجر خيبته بخطى ثقيلة وهو يردد بألم امرأة واحدة وواحدة فقط تستطيع جعل تماثيلنا حطاماً… قدري أن تمر على سكينتي فتبعثرها ثم تمضي.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *