فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

للذينَ يُشبهونَني

ريتا الحكيم

 

كمْ هو صعبٌ
أنْ أموتَ والحياةُ مِنْ حَوْلي
تَدُسّ أعذارَها في أنفيَ المزكومِ
وتحتَ إبطيّ
كوْنها لمْ تُمهلني ريثما أستحِمُ
وأغسلُ أخطائيَ بماءِ الوردِ
مِنَ السّخفِ أنْ نكونَ بَشَراً
حينَ لا يبكينا أحَدٌ
أهمسُ لليقينِ الرّاسخِ في ذاكرة السّماءِ
أنّ كلّ مَنْ كانوا قبلي
لمْ يَرْثِهم أحدٌ، وأنّني مِنْ دُعاةِ
اسعَ يا دمعي لأسعى معكَ
كلّ يومٍ، تبكينا قهوةُ الصباحِ حينَ تندلقُ
على حواف الوقتِ وتُقيمُ لهُ عزاءً
يشهدُ بفخامتهِ بياضُ مَفارشِنا
البقعُ السّوداءُ عنيدة، تأبى النّزوحَ عَنْ جبينِ الأيّامِ
وأنا بكلّ إلحادي، أُدوّنُ هذهِ الطقوسَ للذينَ يُشبهونَني
للذينَ يَرَوْنَ الحياةَ مأزقاً
زجّتهُم بهِ ضحكاتٌ قصيرةُ الأمَدِ
للذينَ يخترعونَ أسباباً للبكاءِ في كلّ تفاصيلِهِمْ اليوميّةِ
وهم يمارسونَ الحُب، ويكتبونَ شعراً رديئاً
لعشيقاتٍ عابراتٍ على جسرِ أوجاعهِم
للذينَ يطهونَ أطعمةً لا نكهةَ لها
ويرمونَها لأنّهم يعانونَ مِن ارتفاعِ الضّغطِ والسكّري
للذين يعانقونَ المَرايا بحثاً عنْ أطفالِ الأمسِ
ريثما أغسلَُ ذاكَ المفرشَ المُلطّخَ وأجفّفُهُ
أكونُ قد أنهيتُ آخِرَ فصلٍ
منْ أكبر حماقةٍ اقترفتُها، الحياة

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *