فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

ثرثرة….

زكريا أحمد

 

(1)

أنا أسوأ من جاء على الارض منذ الخليقة.

لا احد نافسني و لن يوجد أحد ينافسني.

سيء انا فوق كل تصور و كل خيال

حين كنت صغيرا

كنت اسرق البيض من كل قن

في قريتي و القرى المجاورة

لأضرب به  رؤوس اهل القرية

و أذبح الدجاج و ارميها للقطط

و الكلاب.

و حين يلحقونني كنت أهرب

و ادوس على الزرع و اتلفه

و حين كنت انفذ بجلدي

أعود لأقتلع الصالح من الزرع.

لم يسلم بطيخ واحد

و لم تسلم نافذة واحدة

من الكسر.

كنت أقتلع الحصرم قبل أن يصير عنبا

و أقتلع معه ورق العنب.

و أخلط الماء بالزيت…

كنت أتسلل ليلا للبيوت و املأ جيوب الألبسة

بروث الحمير و الماعز و…

كنت أفك سرج الخيل ليقع أرضا من يريد امتطاءها.

كنت ارتكب فظائع لم تخطر على بال اكبر المشاكسين.

الأمر الذي اجبر ابي على الرحيل من القرية

كنت اكره امي و ابي و اتمنى ان اكبر لأضربهما.

 

(2)

و حين كبرت و اشتد عودي قليلا

قررت أن أقتل كل السيئين،

لأبقى انا السيء الاوحد في العالم.

و لكني سرعان ما عدلت عن فكرتي

و قررت أن أبدأ بقتل الطيبين.

كانت امي اطيب إنسانة و تدافع عني باستمرار

رغم اني كنت اضربها كثيرا .

كانت تقول أني حين اكبر سأصبح رجلا طيبا و رائعا.

قمت بقتلها فورا .

فأنا لا اريد لأحد أن يقول عني اني طيب.

ثم قتلت أبي لان حياته كانت قاسية،

وكان لا يريد العمل في الحرام ليحسن من وضعنا المادي .

قتلتهما و تركتهما داخل  الغرفة مضرجين بدمائهما.

و انا أهم بالخروج من الغرفة صادفت اخي

قمت بقتلته فورا دون أي تردد

كان اخي طيبا و مطيعا جدا.

 

ثم خرجت و استاجرت منزلا

في الحقيقة انا لم استأجر منزلا

كان هناك رجل طيب يسكن وحيدا في مرحاض

ملحق بغرفة صغيرة.

قام بشرائه من تأمينه التقاعدي

بعد أن استولى ابنه الوحيد على كل املاكه و قام بطرده

لأن زوجته لا تحتمل العيش مع والده العجوز و المقرف

في بيت واحد رغم ان العجوز كان نظيف الهيئة.

قمت بقتل الرجل العجوز ثم قطعت جثته

و رميت القطع في نهر غير قريب .

و لأن صاحب البيت  تم قتله سكنت فيه.

 

و هكذا بدأت بإرتكاب سيئاتي المتعددة

كل ليلة كنت أضع قائمة بأسماء أشخاص طيبين

و ابدا بقتلهم واحدا تلو الآخر.

 

اي شخص اسمع انه فعل امرا طيبا

أو خيرا أترصده و اقتله دون شفقة.

قتلت كل الطيبين في الحي الذي اسكنه

و في الأحياء المجاورة.

 

ثم بدأت بقتل أساتذة الفلسفة و الشعراء و الكتاب

و الفنانبن و القلة القليلة من المسؤولين الطيبن

الذين كانوا يدعون لمحارية الاستبداد و الطائفية و الظلم

و يمجدون الحرية و العدالة و كرامة الإنسان.

 

كان جحيما بالنسبة لي

اليوم الذي يمر دون تمكني من قتل شخص طيب.

إلى أن سمعت ذات يوم خطابات طائفية

يتم خلطها مع الحليب الذي يتناوله الأطفال

فأدركت ان هؤلاء الاطفال حين يكبرون

سيقومون بقتل بعضهم.

هكذا توقفت عن القتل لماذا اجهد نفسي بالقتل؟

و هناك آلاف الطرق لجعلهم يتقلتلون و يقتلون .

و من ناحية أخرى

ليس القتل وحده ما يجعل الشخص سيئا.

هناك ملايين الافغال السيئة و الرذيلة يمكن أتيانها

كالكذب و النفاق و الخيانة و الفساد و تجهيل الناس

و زرع الكراهية بينهم و القمع و كم الأفواه…..

 

و بدات اغوص في الرذيلة

لم اترك جرما شائنا إلا و ارتكبته

صرت ارتكب الرزائل و السيئات فلا أتاثر

قررت تركها و اردت اجرب أن أصبح رجلا صالحا

و لأن الصالح يتزوج

تزوجت و اصبح لدي عمل يكفيني و عائلتي العوز

كنت رجلا حنونا و رزقني الله أطفالا رائعين احبهم جدا

أحتفل بأعياد ميلادهم و اخرجهم أيام العطل للحدائق

لم انهر يوما احدا من اولادي و لا زوجتي

و لم امنع عنهم شيئا

و لم انزعج يوما او أتضايق لأن الغداء تاخر …

و فجأة و دون اي سبب تغيرت تغيرت كثيرا

لا تسألوا عن سبب تغيري،

فالسيء لا يحتاج أسبابا ليعود سيئا

نهضت ذات يوم و قتلت زوجتي

لانها وضعت فنجان قهوتي أمامي بشكل خاطىء

فغضب اولادي و حزنوا لأني قتلت امهم

و لأنهم لم يسمعوا كلامي و ظلوا حزانى قتلتهم جميعا.

 

انا الآن وحيد وحيد تماما لا املك شيئا

ليس لدي غير صفحة على الفيس بوك

فيها اصدقاء طيبون .

و لأني  تعودت ان اكون سيئا

لا بل و أسوأ شخص في العالم

قررت البحث عن صديق طيب

يؤمن لي عناوين و مواقع أصدقائي الطيبين .

خاصة الذين يحترمون أنفسهم ،

و يحترمون أصدقاءهم ،

و  يحترمونني و يتفاعلون مع منشوراتي ،

لاقتلهم جميعا ليس لأني لا احبهم و لكن

لأتفرغ  لقتل كل المغرورين و المتكبرين

و لن انسى  في النهاية ان اقتل الصديق

الذي سيساعدني بتأمين العناوين

و بطبيعة الحال  ساقتل نفسي

لأريحكم مني و من هذه الثرثرة

التي تورطت و ورطتكم بها.

 

(3)

لا تعيروا ثرثرثي آذانا صاغية

كتبتها و انا في قمة هشاشتي.

 

ما كان علي أن  أكتبها

كان بإمكاني أن  أنثرها في النهر

فالنهر صديقي ايضا  و يحبني جدا.

و لكني خشيت أن يعاتبني

اصدقاء هنا

اصدقاء بجمال النهر و أكثر.

 

أريد تقليد المطر.

لكن الدنيا  تجعلني أحيانا مبعثرا

كحبات رمان

بصخرة قاسية اصطدمت.

 

فهلا غفرتم لي هذ التبعثر

و هذه الثرثرة الضرورة؟؟

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *