فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

كتابات

المبدع تحت مجهر يوسف حطيني الناقد

فتحية دبش*

 

*قراءة في (جمل المحامل) قصص فلسطينية قصيرة جدا…

جمل المحامل، مائة قصة قصيرة جدا للدكتور يوسف حطيني، صادرة عن دار الوطن بالمغرب سنة 2013، قدم لها الأستاذ مصطفى الغتيري و تناول النصوص فيها باستفاضة، و تقع في ثمان و ثلاثين صفحة.

نعرف كثيرا عن يوسف حطيني الناقد و لكن هل نعرف حقا حطيني المبدع إن لم لم نقرأ “جمل المحامل”
أو “بنفسجة في سحابة” و غيرها…

كثيرا ما تابعت المقاربات النقدية و اقتفيت أثر القصاصات ال”حطينية” على جوجل نظرا لتعذر حصولي للآن على نسخة من كتابه “القصة القصيرة جدا بين النظرية و التطبيق”، و لكنني اكتشفته قليلا قليلا مبدعا من خلال مجموعته هذه و مجموعة “بنفسجة في سحابة”و هي مائة قصيدة قصيرة جدا…

تصافِحنا مجموعته “جمل المحامل” بغلافها الجميل و ألوانه و قبة الأقصى.

خاتلني العنوان ثم التجنيس.

حاولت الدخول إلى عوالم حطيني الإبداعية من خلال رؤيته النقدية للقصة القصيرة جدا.
ذلك أنه يرى أن القصة القصيرة جدا تقوم على ركائز خمس هي: الحكائية، الوحدة، التكثيف، المفارقة و أخيرا فعلية الجملة.
و دون تفكيك النصوص نصا نصا نجحت مهارة الناقد العارف بهذا الضرب من الكتابة السردية في إخراج نصوص تذعن للنظريات النقدية تشكيلا و تدليلا، فكانت النصوص مكتملة البناء مراعية للشروط حتى أنني تساءلت عن مدى استحضار د. حطيني المبدع لمقولة د. حطيني الناقد ب أن(المبدع الحقيقي هو الذي يلم بقواعد الفن من أجل أن يتجاوزها لا من أجل أن يتقيد بها)

العتبة الأولى للمجموعة هي العنوان (جمل المحامل)، و كأنني بالكاتب ينبئ قارئه بأنه سيكون “جمل المحامل”، فالقصص المحمولة عبء بكل ما فيها من دم خضّب أرض البرتقال و ما جفّ، و من وعي يسائل العالم لم؟ و من وجود يئن تحت وطأة التشرد و اللجوء حتى أنه لا يعرف له هوية غير فلسطين القضية، و درويش الرمز، و ناجي العلي، و الامكنة بأسمائها …ووو …
ثم يأتي التجنيس (مائة قصة فلسطينية قصيرة جدا)، و هنا تكمن المسألة: لمَ يضيف الكاتب (فلسطينية)؟
أليس ليقول لنا أنّ هنا، في جمل المحامل لا احتفال بغير فلسطين و أن هذه القصص الفلسطينية ليست إلا قصة فلسطينية طويلة جدا مهداة للفلسطينين…

و هنا يكمن الإبداع و تجاوز حطيني المبدع لحطيني الناقد…
قد أجازف بالقول إنه باختياره هذا التجنيس هو ينتحي منحى ابداعيا كان له فيه سبق على Regis Jaufret و روايته Microfictions 2018 حيث نسج رواية كاملة من تقاطع و تآلف القصص القصيرة جدا…
و حطيني ألف لنا قصة فلسطينية طويلة جدا من خلال تقاطع و تآلف القصص القصيرة جدا و ربما فعل ذلك بغير وعي أنه ربما أسس بذلك لنوع جديد: القصة الطويلة جدا لا من حيث التقنية و انما من حيث الموضوع.

________________
*ناقدة تونسية تقيم في فرنسا

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *