فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

البوست الأخير

صدام الزيدي

 

كل ليلةٍ أخطط للذهاب إلى فيس بوك
لأنشر البوست الأخير.
كل ليلةٍ تأخذني قراراتي لأبعد من مجرد أن يكون لي نجمة فايسبوكية خضراء تربطني بهذا الحشد من الناس من كل بلدٍ وأيقونة!
كل ليلةٍ أتمنى لو انني عطلت حسابي وعدت لعزلتي، مكتفياً بلحظة لقاء معي، عميقة، تنتهي إلى التصوف رقمياً.
كل ليلةٍ أحصد وجعاً جديداً، بعد أن بذرت النهار كله بزرع أفكاري المجنونة.
كل ليلةٍ أصل إلى حافة الكون، كما لم أبلغها قبلاً، كأن أتيقن بأنني بلغت السن القانونية المطلوبة للاحالة على العزلة.
كل ليلةٍ أسرد خيباتي وديوني والطرق التي أغيرها بين يومٍ وآخر، هرباً من وجوه مألوفة ومرعبة في آن.
كل ليلةٍ سأعتزل العالم بمفردي، ذاهباً في أدغال الرب، أعتنق نسماته السماوية، وأشرب من حوض عرشه المقدس.
كل ليلةٍ أنا حزين وجائع ومنكسر ومنهزم ومنعتق وأبصق دماً، ومأهول بخيبات العائدين من أرض الأهوال والغابة الممتلئة بحطام النص الجديد!
كل ليلةٍ أقول: حانت لحظة الاعتزال يا صدام… اعتزل العالم الآن، الآن، انها فرصتك لتتصوف على طريقتك لا على طريقة الأسلاف الهائمين في الجبال. انها فرصتك لتحرر روحك من بؤس الصباحات التي تأتي ثقيلةً تسحب غيمات الليل العجوز معها!
كل ليلةٍ أقتحم “ملاحظة جديدة” بهذي النوتة الزرقاء، وأنسف أفكار المتصوف المجنون الذي بداخلي، لحساب العودة مجدداً لمعركة الحياة، وقد فاضت بالروح أناشيدها الحصرية، ولا يدري مجانين نص الفايسبوك أي غربةٍ كونيةٍ غلفتني.

٤‏/٢‏/٢٠١٨

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *