كتب- صدام الزيدي
ضمن أنشطة منتدى الحداثة والتنوير الثقافي، احتضن بيت الثقافة في صنعاء صباح اليوم فعالية نوعية مميزة، أطلّ فيها الشاعر زين العابدين الضُبيبي (أحد شعراء الجيل الألفيني) أنيقاً، كعادته، بينما يتوق إلى شجرٍ في البعيد
ففي لحظةٍ من ركود التفاعلية الثقافية بصيغتها الرسمية، يحاول منتدى الحداثة والتنوير (كيان ثقافي تنويري أسسه مؤخرا نخبة من مثقفي اليسار اليمني) أن يحتفي بالابداع، غير ان الاحتفاء بتجربة شاعر مميز، مثل”زين العابدين الضبيبي”، يكتسب طابعاً استثنائياً بحسب ما أكدته هدى أبلان أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، التي افتتحت الفعالية بكلمةٍ باركت في مستهلها توقيع “توقٌ إلى شجر البعيد” المجموعة الفائزة بجائزة الشاعر عبدالعزيز المقالح للإبداع الأدبي في دورتها للعام 2015
كما نوهت أبلان إلى ان زين العابدين الضبيبي شاعر صاعد باتجاه السماء والخلود، تأخذنا قصيدته إلى عوالم من السحر والبهاء”
الشاعر يحيى الحمادي، ألقى، من ناحيته، كلمةً، نيابةً عن شاعر اليمن الكبير عبدالعزيز المقالح، جاء فيها: “يوحي لي عنوان مجموعة توق إلى شجر البعيد أنَّ الشاعر زين العابدين الضبيبي يطمع بالرحيل من البعيد إلى الأبعد، في حالة من التوق و الشوق”.
واشار المقالح إلى ان زين العابدين الضبيبي يكتب القصيدة العمودية بمواصفاتها الحديثة، كما يكتب قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، غير معْنِي بموضوعِ الشكل قدر عنايته بالشعر كأداةِ إبداع
وأضاف: “زين العابدين الضبيبي شاعر شاب وموهوب بكل ما لكلمة موهوب من دلالات تجمع بين الإبداع والابتكار، بدأ كتابة الشعر وهو طالب في الثانوية، وكنت قد فوجئت به – قبل سنوات- في أحد المهرجانات حتى لا يكاد عنقه يرتقي إلى فم الميكرفون، وهو يقرأ شعراً بديعاً موزوناً محكماً ومفعماً بالأخيلة، صوره ومفرداته لا تمت إلى قاموس التقليديين بصلة”
ومنذ ذلك الحين (يستطرد المقالح متابعا حديثه) وأنا أتابع ارتحالات زين الصاعدة نحو عالم الشعر كما ينبغي أن يكون في سرعة الضوء وكأنه يمتطي مركبة صاروخية تقوده نحو الهدف الذي يتمثل بشعر يشع حيوية وأصالة وحداثة
وبحسب الشاعر المقالح “زين يتحدى نفسه ويناطح الكبار، ولا يقبل إلاَّ أن يكون في الصفوف الأولى معتمداً على موهبته وحدها وعلى مقدرته في تجاوز نفسه”
الشاعر والأديب المعروف محمد عبدالسلام منصور، استهل مداخلة له بتحية شعر: “صباحكم مئات القصائد التي تفر من فيضان الكراهية لتعتصم بالشعر الفتي، المعطر بأنفاس الناس البسطاء الذين تريد الحرب أنْ تحرمهم من كسرة خبزٍ كريمةٍ وشربةِ ماءٍ نظيفة، أو لمحة ضوء في انتظار صباح”
كما تحدث منصور عن ملامح من التجربة الشعرية لزين العابدين الضبيبي
إلى ذلك، الناقد والأكاديمي قائد غيلان، قدم قراءة بعنوان “جمالية الدهشة وشعرية اللاتحديد في ديوان توق إلى شجر البعيد”، بينما قرأ الشاعر عبدالواحد عمران، بالنيابة، ورقة نقدية للشاعر والناقد المعروف علوان الجيلاني (الذي تعذر حضوره لتواجده خارج الوطن) ترصد اشكاليات الواقعي والمتخيل في النص الشعري- قراءة في نصوص “توقٌ إلى شجر البعيد”
الكاتب والناقد صلاح الأصبحي قدم “إجابات مغلقة لأسئلة مفتوحة- قراءة في نصوص مجموعة “توق إلى شجر البعيد” بينما شاركت الشاعرة أحلام الجبري (زوجة زين) بورقة استعرضت فيها ملامح من يوميات عائلة تلتقي تحت ظلال القصيدة، شهادة من زاوية أسرية وأدبية
من جهتهما، صلاح الورافي وأميرة شائف، (من الشعراء والنقاد الشباب) تناولا “الضبيبي شاعراً”
وبمصاحبة الموسيقى، تماهت الكلمة مع الأغنية؛ إذ تخللت فعالية التوقيع، التي قدّم لها الشاعر والاعلامي محمد سلطان اليوسفي، معزوفات غنائية لكل من عبد الملك ومحمد هزام (من أهم نجوم الموشح وفن الانشاد اليمني التي تنفرد به جمعية آل هزام للإنشاد)، وتألق الفنان محمد مشهور، وراني جمال غيلان (الشاب الموهوب في العزف على آلة العود)
اختتمت الفعالية بتوقيع زين العابدين الضبيبي مجموعته الشعرية وتوزيع اهداءات- نسخ منها لحشد من الأدباء والمثقفين والقراء، على ان “توق إلى شجر البعيد” هي المجموعة الثانية لزين، صدرت عن دار الرابطة في الإمارات 2016، ثم صدرت في طبعة ثانية 2018 عن دار الشروق للنشر في صنعاء بالتنسيق مع جائزة الدكتور المقالح، وقبلها، كان صدر لزين ديوانه “قطرةٌ في مخيلة البحر” الفائز بجائزة رئيس الجمهورية للشباب عام 2013