فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

طريقة أخرى للألم…

أشرف قرقني

 

أغمضُ عينيّ. وأفتّش خلف الحدقتين عن مكان مّا لا تصلهُ أصوات الغرقى. عمليّة بحث كهذه تحتاجُ إلى غريق طيّب وهادئ مثلي. لكنّ روحي منهكةٌ. والضّوء الأزرق الذي بداخلها يرتاح الآن في شقوق جبل بعيدٍ يتصدّع.
كيف أبحثُ عن جنّة خلف عينيّ بقلبٍ أعمى دون أن أقع في الجحيم؟
كلّ اللاّفتات التي كتبتْها الملائكة من أجلي أوصلتني إلى طرق لا تؤدّي.
لهاثي الحارقُ لا يكفي كي ينظر إليّ الرّبّ بعين رحيمةٍ. والسّكاكين اللاّمعةُ التي تتدافع حولي تسمّى بشرا.
يا إلهي، كم مؤلمٌ أن يكون الواحد ابنك؟
كم مؤلمٌ أن يكون أخا لطقم سكاكينَ صدئة.
كيف أحرّك يدي في هواء مريض كهذا دون أن يسيل دمٌ على الجدار؟
وكيفَ أكسر جدارا دون أن تنبت عائلة من الحيطان في الأفق؟
صاحبي الذي أسمّيك أنا، كيفَ تأخذ الرّوح شكل مزهريّة حين يسكنها الانفجار؟

يطيبُ لي أحيانا أن أكتب أيّ شيء تافه كهذا. أوقّعهُ باسمكَ. ثمّ أبصق على الورقة. تلك طريقتي في أن أنتقمَ منكَ. إنّك تغرق خلف حدقتين متعبتين. ولا قاع ليرتاح فيه اختناقكَ أيّها البائسُ. حتّى القشّة التي تحدّثنا عنها القصص الحزينة آخر اللّيل، صارت ماء كثيرا لا يتنفّسُ. أتنفّسُ قليلا فقط ليمتدّ ألمكَ أكثر. أتنفّسُ قليلا لأنّني لا أعرف طريقة أخرى للألم…
لأتذكّر وردةً علقتْ في حائط بعيدٍ…
حائطا ينبتُ في سماء فقيرةٍ…
سماء يؤلمها المكانُ الذي تركه الجناح خاويا في صدرها…
الجناحُ في قصيدةٍ لم أكتبها بعدُ.
وهي تسألني من أجل ذلك حياتي…

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *