عبد المجيد التركي
أنا رجلٌ إيطالي،
كل أحلامي تدور حول المعكرونة،
أمشي من هذا الشارع
وأتأمل اللوحات المكتوبة بخط غريب،
وأبحث عن العصافير والحمام التي كنا نراها في التلفزيون
وهي تحط على سواعد المارة لتأخذ صورة
أو تلتقط حبة فوشار من فم فتاة جميلة،
أبحث عن البجع الذي كان يتساءل هولدن كولفليد
عن مصيره حين تتجمد البحيرة في الشتاء،
أبحث عن اللقالق وكأنني أوتيت منطق الطير..
أبحث عن نيلز الذي سقط في أحد شوارع ميلانو،
من هنا مرَّ نيلز في رحلته مع البجع
من هنا مر الغزاة أيضاً،
فما زالت سيوفهم تنخر وجه الشارع الجميل.
هذا الشارع يعرف كل شيء..
يعرف وجه الدبابات التي كانت تركض أمام عدسة المصور
وتتباهى بطلقاتها كأنها عارضة أزياء،
يعرف السبايا اللاتي كُنَّ يُسحَبن على وجوههن
بينما يقف طفل في الناصية الأخرى ويشير إليهن بجزرة كبيرة،
هذا الشارع يتذكر ميلاد أول عمود كهربائي..
زرعوا هذا العمود في نفس الحفرة التي كانت تقف فيها المقصلة،
وفي نفس الحفرة التي رجم أثرياء العرب فيها امرأة باعت ثديها برغيف خبز،
وهي نفس الحفرة التي دفن فيها الكاهن كل أموال الكنيسة
وخرج إلى الناس ليتسول ضمادة لجروح المسيح،
ذات الحفرة التي كانت تبيض فيها الديناصورات
ذات الحفرة التي سقط فيها العرب أثناء الفتوحات وهم يفرّون بمجوهرات النساء ورؤوس الأطفال.