فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

أكتب غزيراً لأن حبل الأيام قصير

عبد الرحيم الخصار

 

-1-

أَكتبُ غزيرا
لأنّ حبلَ الأيامِ قصير.

-2-

أكتبُ كمن يشرب الخمر لينسى
وكمن يشرب القهوة ليصحو.
أكتب كي أبيدَ الضباب الكثيف في غرفتي
وأطردَ العقبان والعناكب من راحة اليد
كي أُهيل التراب على حياة مضت
وأعيدَ الفرح القديم إلى مائدة العائلة.

-3-

هذه الكلمة
أنتَ تدلقها على الورق بلا تعب
بينما تئنّ في جمجمتي سبع ليال
كما لو أنها ذئب جريح
يعوي في غابة.

-4-

هذا أنا كما تَرَيْن
حاطبُ صمتٍ
في ليل قمرُه يتألم
جالبُ أرسانٍ من مفازات
بيدٍ لم يعد يمكث فيها شيء.

بصوتٍ مجروح
أردّد أغنيةً رفعها رجل هنديّ
قبل أربعة قرون في الشعاب
وأدفعُ قطيعا من الكلمات البرية
جهةَ الغرق.

تغريني عزلة نسر هرم
ينظر هادئا إلى الأيام التي سقطت
من عشه العالي،
وحين تشتد الذكرى
ينأى بهوائه الهادر
مُغمِضا حواسه عن العالم
كما لو أنه يقيم في جوف صخرة.

-5-

أودى بي هذا الصمت
وأنهكتِ الأحلامُ المرجأة عظامي.
أملكُ نظرةَ رجلٍ معقد
يرقُب الأيام من زجاج النافذة.
كتبٌ كثيرة قد لا أفتحها
لكنّها تنظر إليّ بشجن
وحين يشتدّ اليأس
تخرج الكلمات لتربّت على كتفي.

-6-
إلى عبد الله بن ناجي:

أوقفْ سيارتك الزرقاء في أفوزار
ضع حجرين أمامها يا صديقي
كي لا تجرفها الذكريات
أَخرجْ لعبك القديمة من سلة العائلة
وامزجْ ماءً بماء
فحين ينام العالمُ
ستصحو الكلمات.

* أفوزار:مرتفع يطل على مدينة دمنات.

-7-
أنتِ تطربين لهذه الكلمات
وترقصين على وقعها
بينما أترنّح أنا تحت نير
وأجرّ ورائي
أغلال صفٍّ طويل
من الذين سُجنوا في قرن مضى.

 

 

* من كتاب شعري جديد يصدر قريباً للشاعر. 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *