فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

قصة وسرد

ما لا تفهمه وردةٌ ولا تعجز عنه..

محاولةٌ بائسة في السرد-
أبوبكر باجابر

خلقني الله غيمةً- كأسوأَ ما تكونُ غيمةٌ- عاقرٌ وعجوزٌ أكلَها البلى من أعماقها، لم يبقَ منها سوى فقاعةٍ صغيرةٍ من رغوةٍ سمّاها أصدقائي الذكور شعراً، ولا أستطيع الجزم بأنهم لا يزالون يعدّونها كذلك، وعندها قضى (من لست أدري من هو): بأن ترعى الغيمةُ وردةً نمت وحيدة بالجوار في ركنٍ مهملٍ وبائسٍ من الوجود.. ولعلّ من قضى بذلك؛ منح تلك الفقاعة/الغيمة رحماً لتمطر وعصا من ريح تهشُّ بها على قفا كلِّ قطرة من مطرها تضلُّ طريقها أثناء الهطول..
امتلأ جوفها بالماء، وأمطرت كثيرا على رأس تلك الوردة فنمتْ وشبّتْ كأحسنَ ما تكونُ وردةٌ، تتنفس دهشة وتتمايل غزلا وشعرا لتدبَّ بجسد (ما حولها) قشعريرةُ وجودٍ، فكان الوجود كأصدقَ ما يكونُ وجود..

ثمَّ، وبعد أن تعلّمت الوردة جيّدا كيف تتلقّى المطر، بكبرياء أو بِقَدرٍ أو بالإثنين معا، بدأت تتحاشى ما يسقط عليها من ناحية الغيمة، لتندقّ أعناقُ قطرها على أرضٍ ظنّها الجميع بورا، ولكنْ، ولأنّ هنالك خيبةً كانت ترتدي فستان المصادفة، حدث وأن نمت وردةٌ أخرى تتلقىّ برحابة وبطفولة ذلك المطر، بينما كانت تحاول الفقاعة/ الغيمة كفَّ قطراتها عنها لتصوّبها باستخدام عصاها في اتجاه وردتها الأولى التي كانت سببَ كلّ هذا الماء، لكنَّ المطر أحبَّ الأخرى فجمع كلمته على العصيان..

انكسر العصا.. جثت العجوز على قلبها أسفاً، واستمرَّ المطر متدفّقا على رأس الوردة الأخرى التي أصبحت أجمل، أندى وأطول، إذ ضمرت الأولى وبدأت تضمحلُّ وتتلاشى..
ولعلّي ألمح الآن الفقاعة/ الغيمة، بدأت ترضخ شيئا فشيئا لمطالب شعبها الثائر، وتُسلم له القياد بأن يهطل على أيِّ وردةٍ يشاء،
وعلى أيِّ بقعةٍ قاحلةٍ يشاء، فإنما الورد يكون حيث يكون الماء.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *