سماح بادبيان
الغرفة الأولى:
قطرات الماء تسيل على وجهه في أخاديد صنعتها يد السنين، غلَّف سواد الليل ألوان الحياة، تحسَّس المكان بيديه، دون أن يشعل نوراً يزيل حُجُبَ الظلام المتراكمة، لئلاَّ يشعر به أحد، وقعت يداه عليها أخيراً، عرفها بملمسها الناعم، وبطانتها الليّنة، فرشها على الأرض، ثم وقف عليها وكَبَّر!
الغرفة الثانية:
فركت عينيها، ومطَّت يديها بتثاقل، أضواء المصباح تَرسُمُ أطيافها على الحائط، ألقت نظرة خاطفة إلى الساعة: الثانية بعد منتصف الليل. تناولت كوباً آخر من القهوة، ثمَّ عادت لتدفن نفسها بين الأوراق والكتب من جديد!
الغرفة الثالثة:
سكونٌ موحش وظلام يَطغى على المكان، بصيص ضوء خافت ينبعث من أحد الأركان، عيناهُ ساهمتان، مصوَّبتان إلى الشاشة الصغيرة القابعة بين راحتيه، تتراقص الصور أمامه كخيالات ليليَّة هائمة، تبسَّم بتلذذ واستمتاع، وعادت أنامله تتحرَّك بينها بخفَّة، لتكشف مزيداً من المستور!
الغرفة الرابعة:
ركام من الأغطية يغلّف الجسد المتهالك على السرير، وصوت أنينها الخافت يشق سكون الليل البهيم، يدها المرتعشة تسبح في الظلام، تتلمَّس ما حَوْل المكان، التقطت الحبة وأودعتها ما بين الشفتين، شدَّت الأغطية عليها، هدأت حركتها، وبقي صوت الأنين!