الرسم فقط

طه العزعزي

 

أقف بالقرب من مدرس الهندسة
وهو يرسم أمامي دوائر صغيرة
فأظنه يرسم لي أفكاري
ثم يرسم لي خطاً مستقيماً
فلا أظن أن وجعي يشبه ذلك
ثم يرسم مربعا أحمر
فأظنه يساومني على قلبي هذا
فيرسم مثلثا
فأظنه يأمرني أن أتسلقه إلى أعلاه
فيرسم مستطيلا
فلا أظن به شيئا
فيحدث أن أركل وجهي للخلف
وأغادر جمهورية الهندسة الطيبة
لأصادف جمهورية رسم أخرى
أقف أمام رسام نحيلٍ كالريشة
يرسم أمامي امرأة
فينزع الوردة الحمراء من فمها
ثم يرسم عصفوراً أصفر
فيبدي أعلى رأسه
والباقي منه يغرق في الوحل
فيرسم مئذنة القرن الواحد
والعشرين
فيضع الغراب فيها ضاحكاً
ثم يرسم شاعراً
فيضع المقصلة على رأسه
أحاولني الهروب من ذلك مسافة لعنة
فيقع القلم في يدي عمداً
أحاولني الآن أن أرسم لي وطنا
أمسك العلبة المكتملة إلا لوناً
فأحاول رسم وطن أظنه لي
وكلما حاولت غير مرة
رسم لي القلم
ذئبا يركض باتجاه وجهي
أبتعد عن الجدار مسافة خطوتين
لأذهب باتجاه صديق يشبهني كثيرا
أطلب منه أن يرسم
صديقا آخر يشبهنا الاثنين
فيرسم ذلك
ويحتار أي الألوان يضعها عليه
أبتعد عنه مسافة دمعة
ثم أذهب باتجاه رسام عاطل
أطلب منه أن يرسم لي مستقبلا
فيرسمه أعلى الصفحة أصلع
ثم أسفله بلا قدمين
فيعتذر لي مبررا
:إن الصفحة ينقصها سطر واحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى