فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

أدبيات الأمسية الشعرية الثانية. نصوص من خارج اللغة في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح/  التاريخ / 16/ مارس 2021. 

إعداد : عبد الغني المخلافي

 

 

1_لِ لَيْلى 


لِ لَيْلى
انحِناءُ الشَمس ..
بُكاءُ المَصابيحِ عَلى الأَرصِفَة
أعوامٌ تبدأُ وَتَنتَهي بِالقَصائِد ..
الحَدائِقُ المُحَرَّمَة
وَالقُلوبُ المُغَلَّفَة بِالضَباب ..
لِ لَيّلى العالِقَةِ بَيْنَ النَصرِ وَالهَزيمَة
كَاليَمامَةِ فَوقَ الجِبال ..
يَتَلَألَأُ الحُلُم
وَتَبتَسِمُ الأَوْرِدَةُ القاتِِمَة ..
وَيَتَجَشَّأُ العالَمُ
ُأغنِيَتَهُ الثَقيلَةَ الصَدِئَة ..
لِ لَيْلى الزَهرةِ البَرِيَّة
القَمَرُ وَالريحُ وَالصَحراء ..
وَلا رَسائِلَ لِلَيْلى !
كُلُّ الرَسائِلِ أُتْلِفَتْ
أمامَ قَدَمَينِ حافِيَتَين ..
أمامَ نَهدَيْنِ مُعَلَّقَينِ
في مِشْنَقَةٍ مِنَ الوُحولِ وَالأَوْسِمَة ! ..
دَعُوا فَمَ لَيْلى
يَسقُطُُ عَلَى الرَصيفِ
كَالمَناديل ..
يْحَرِّكُ عِظامَ القَصائِدِ في القُبور ..
دَعُوا فَمَ لَيلى
يَكتُبُ عَنِ الظُلْمَةِ وَالغُبار ..
يَتَحَرَّكُ ضِدَّ الزَمَن ..
دَعُوا فَمَ لَيْلَى
يَغرِسُ قُبلَتَه في صَدرِ السُكونِ
وَيَموتْ ! ..

 

2-صرخَة


كُنتُ صَرخَة
عَبَرتُ اللَّيلَ عُنوَةً
تَهادَت ظِلالي
عَلى ألسِنَةِ اللَّهَبِ المُضيء
وَارتَدَّت إلى القَلب
بَعدَ أن تَقَلَّدَتِ العَثَراتِ وَالتَهاليل !
كُنتُ صَرخَةً
خَلَعتُ جِلدَ الأماني
وَكَبُرتُ وَحدي
قَشَّرتُ كُلَّ هَياكِلِ الصَمت
وَكَتَبتُ طلاسِمَ غَير مَفهومَةٍ
لَم تَكُن سِوى تَرَدُّدات ..
كُنتُ صَرخَة
لَكِنّي لَم أذهَب إلى مُتحَفِ الإصغاء
وَلَم أتَعَمَّد بِالموسيقا ..
فَظَلَلتُ عَلى هَيئَتي البِِدائيَّة
وَدُفِنتُ
لِذَلِكَ ..
كُلَّما وَطِأتُم تُرابي
صَرَخت ..!!

 

***

هُنا القُلوبُ مُمتَلِئَة !
هُنا الأصواتُ ..
وَهُنا أنا ..
حادَةٌ وَمُبَلَّلَة بِالبِدايات ..
تَعَلَّمتُ أمشي وَأمشي
بِلا سَنابِلَ وَلاأقمار ..
كانَ فَمِيَ صَخرا”
وَكانَت عُروقيَ مُصابَةً بِالخَرَس
فَتَّتَتْني الأيّام ..
وَتَكَلَّمتُ ! ..
الكَلِمَةُ تَحيا فِيَّيَ ..
وَلامَوتَ يُوصِدُ فُصولي ..
قَلبيَ مُهَيَّأٌ للاشتِعال
جَسَدي قادِمٌ كَلُغَةٍ مَجيدَة ..
سَمائِيَ آمِنَة ..
تَتَدَلَّى دَهشَتُها بِفَرَحٍ وَخَوفْ ..
لِتَحتَضِنَ الكَلِمةَ
الخارِجَةَ مِن قَلبِ الصَخر ! ..


ريم كبا – سوريا- مقيمة في السويد. 

 

______

1- لست  امرأة رسائل

أنا امرأة بورقتين
حب يغمز للجدار
الجدار تسكنه قلوب حمراء
رسمتها وأنا صغيرة
لا ادري إن كنت فعلا صغيرة


حين أبكي
أتسـلق
فوهة بركان
جبل الله
بمطرقة حداد
لأسكت غضب فولكانوس
أرمي شهوة
وخرائب ذاكرة من نار


لست امرأة رسائل
ولا أقفاص
ولا نقط استرسال…
لست “غادة”  الطليقة
التي أحبها “غسان “
كخبز قلب
وهو متروك هناك “كشيء”
على عتبة جنون
ينضج بالمرارة


لي عين طاووس
يد ملطخة بحبر حب
بوصلة بحارة” آرجوس”
ونافذة إلى جحيم
رجل قرية الطواحين
كيف صديقي !!
أقبل بعجرفة جنية الحب
والشريان مفتوح
على ثقب ذاكرة


ماذا هناك
ا دهى من هنا
يا صغيري
حتى تزهر تلك الساحات !!
صوت فيروز المترع بالحنين
ماذا هناك .؟؟
نفس الجُحر
لعنة الحطاب
نفس الأيادي ملطخة ببؤس الحرب
كيف تزهر تلك الساحات ؟
ونحن هنا
مازلنا نئن من ليلة ماطرة
بالخواء..

 

2- هل من ماء تخبرنا


هل من سماء
تلملم بقايا دعاء المنسيين
تسمع صراخ العطشى
ترسم وجوها ظلت عالقة
بين ذكرى وذكرى
تسافر إلى أقصى الحزن فينا
هل من سماء تخبرنا ؟
أننا ما عدنا كما كنا
نلملم ما كسره الوقت فينا
نبحث عن فراشة غرقت في ضوء المساء
لوحة تاهت بين الظل والفرشاة
أسماء دفنت بعد أول  اشتهاء
هل من سماء تخبرنا
أننا ما عدنا كما كنا

 

رشيدة الشانك – المغرب

 

____

“أتمنى أن يكون خروجي من الدّنيا ممتعًا، وأتمنّى أن لا أعود إليها ثانية..”

       فريدا كاهلو     

1- صرخة ماء الفخار …                         

الجرة التي لا تنضح
لا يبرد ماؤها ولا يتطهر
الطعنة التي لا تقتل
تترك أثر جرحها
عميقا في الشريان
مهما التأم
من لم يجرب الألم
لا يمكنه أن يستشعر معاناة الناس
وهم يتوجعون من حوله
الموسيقى ليست فرحا
كما يعتقد راقصوا الباليه
الموسيقى بكاء أجنة مسترسل
تحمله الأوتار
على أطراف أصابع
أجساد التانغو في سيرة الولادة
ثم
تسكبه في ولغ
مشاعر نباح الشوارع الحزينة
الجسد
عبء ثقيل على الماء
تخلص منه الطين
فحملته الروح بلا أف
ولا تعب
على أجنحة فراشة شفافة
قبل
أن تحرقها نار الغريزة الهائمة
الروح
كانت هي الأخرى ظلومة جهولة
فريدا كاهلو
لم يؤلمها
زجاج الحافلة
حين رسم
على جسدها النيء خريطة الوجع
آلمتها
خيانة دييغو ريفيرا
مع شقيقتها الصغيرة
في مستودع الرسم
فريدا
كانت تكتب قصائدها
بالأحمر الشفاف
اللون الذي لا يمحيه الألم
فريدا
أيتها الغزالة
برأس آيل
أنت من علمت الخوف
كيف
يركع مرتعدًا في وجودك
ويصفق لرؤية نبضك في اللوحة
كالماء
كانت اللوحة قبل الرسم
تمسح عن غبش الرؤية الحواجز
وتطبع وجه الثوب
بصكوك غفران أسئلة
من مسامير التحنيط
كلما
تعطلت انتظارات عشب الجسد
قام الاطار
ينزع عن خدوده طحالب الرسو
وأطل برأسه
بين أذرع الأسئلة التي شردته
فتاهت من فمه الأجوبة
كالماء
ينسكب الجرانيت
من قلم رصاص بلا لون
والعطش سيرة قديمة
في عيون فريدا الجميلة
يعرفها دييغو عن ظهر رغبة
في الأمكنة التي سلكتها خطاهما
دليل لا يمحى
من سير أحلام من رقص
يحملها بساط غيم من سراب
أي عذر
للذاكرة الملآى بالأمثلة الجاهزة
والأمكنة
غلفتها أصابع الجمال اللامرئي
بأحجيات العذارى
في لوحات دييغو ريفيرا
عن سماء خلقها تيه الطواف
في جسد فريدا كاهلو المغلول
الجرة
الطعنة
الموسيقى
الجسد
فريدا كاهلو
أو
حين تصرخ دواخل الجسد
ولا أحد يصيخ السمع للحن الوجع…

 

2-

 

التيه
هنا
القمم العالية هناك
ضباب
لا يرى
نحن الصغار
لم نحسب أسنان الربيع
علقنا بخريف اختلس الانياب
قالت الأم:
خليها محبوسة
في جيبك حتى تشرق الشمس
قالت الشمس :
أنا لست مزبلة
قالت الحيرة :
امنحها للقمر
ولا تنم
مع إخوتك ..
نتدفق جلنا
في الكأس الأخيرة
لا النبيذ أسكرنا
ولا الرقص
نز له الجبين
وفي الصباح نجمع
من تحت الوسائد الأمنيات
نشرب الحليب الدافئ
نتأبط شرورنا في المحافظ
ونبكي في صمت مع صقيع الصباح
كانت الرسائل
خطى جنود
تهرب الأحلام
وتأكل الأيام
والطين سؤال يابس في فم ضفدعة
كيف نمشي ..؟
قالت فتاة من جماعتنا
قال الذي سرواله
يولج الليل في النهار :
ابكي،
قبل أن يتكور نهداك
واتركي الباقي على الله …
كيف ارسم وجه أبي في الكراسة..
أنا اليتيم
الذي لم يراني قلبه
قبل أن تقلب الأوضاع…؟
قال طفل
في السادسة من الحزن
واجتمعنا حوله كالذباب :
من سيحمي الأقدام
من دون جوارب
في الأحذية الضاحكة
الساخرة من كيّ القرس..؟
قالت الطريق :
لدي من المظالم ما يكفي
فلتكثموا السؤال …
وسألتنا شجرة الصفصاف
عن عصافيرها
قلنا للنشاشيب :
أجيبيها نيابة عنا  ،
فسقطت على رؤوسنا السماء
قلنا للأرض الحزينة :
إلى متى ستحملينا على مهل ،
وقلبك مزين بالألغام ..؟
قال الدود :
أنا جوعان قبل عام ” الخبيزة “
فظل العقل ساكنا حواف الكلام …

 

مصطفي حناني- المغرب- مقيم في بلجيكا. 

 

_______

 

1-كلماتٌ بسيطة 


و حتى لا يكونَ هناكَ تذرعٌ
أنَّ كلماتي كانَتْ غامضةً ،
عصيةً على الفهمِ ، محتملةَ التأويلِ .
اقطعُ الغموضَ بالوضوحِ
و أكتبُ بأبسطِ الكلماتِ و أوضحِها
ما معنى أنْ يكونَ الإنسانُ إنساناً .
معَ ذلكَ هناكَ دائماً منْ يغرقُ في وحشيتِهِ
و هناكَ دائماً منْ يبررُ تلكَ الوحشيةَ .

الكثيرُ منَ الطرقِ نرسمُها على المسودةِ ،
طرقٌ طويلةٌ ، طرقٌ متوسطةٌ  و طرقٌ قصيرةٌ ،
طرقٌ منحدرةٌ ، طرقٌ شاقةٌ و وعرةٌ  ؛
ليسَ دائماً الطرقُ القصيرةُ توصلُكَ للجهةِ التي تريدُ الوصولَ إليها بسرعةٍ ،
أحياناً تصلُ أسرعَ إنْ سلكْتَ الطرقَ الطويلةَ .
أُتركْ جميعَ الطرقِ التي رسمْتَها على  المسودةِ
و اسلكِ الطريقَ الذي رسمْتَه على المبيضةِ .

هناكَ دائماً منْ يحترقُ
هذا ما يفسرُ وجودَ الضوءِ ،
لا ضوءَ دونَ احتراقٍ .

ليسَ دائماً الضوءُ يجعلُكَ ترى بشكلٍ جيدٍ
فالضوءُ المبهرُ المركزُ على وجهِكَ
يجعلُكَ لا ترى شيئاً مطلقاً
فتبحثْ عنِ الظلامِ معتقداً
أنَّكَ قد ترى في الظلامِ ما عجزْتَ عنْ رؤيتِهِ في الضوءِ .

بعضُ الأسئلةِ عقيمةٌ
و معَ ذلكَ نسألُها .
كيفَ كانَ الكونُ و بماذا كانَ يفكرُ الله قبلَ أنْ يقررَ خلقَ
البشرِ؟
هل نحنُ مسوداتٌ أم مبيضات ؟

 

2-رسام 


رسمَ نهراً ،
وضعَ الريشةَ ،
تأملَ النهرَ ،
رأى طفلاً موشكاً على الغرقِ ،
بسرعةٍ جنونيةٍ أمسكَ الريشةَ ،
حفرَ أخاديداً لا تحصى ،
دلقَ مياه النهرِ فيها
فراحَتْ تروي الحقولَ المحيطةَ بها ،
بالقربِ من حقلِ عبادِ شمسًٍ ،
وقفَ الطفلُ الذي كانَ موشكاً على الغرقِ ،
يتلفتُ باحثاً عن والديه .

وضعَ الريشةَ ،
تأملَ مجرى النهرِ الجاف ،
رأى سمكاً موشكاً على الإختناقِ ،
بسرعةٍ جنونيةٍ أمسكَ الريشةَ ،
رسمَ برقاً ،
رسم رعداً ،
رسم أمطاراً غزيرةً ،
رسم سيولاً ،
رسم ينابيعاً ،
إنحدرَتْ ملأَتْ المجرى الجافَ ماءاً ،
جلسَ فرأى الاسماكَ تتعانق .

أدارَ ظهرَهُ مبتسماً للنهرِ و لعناقِ السمكِ ،
رأى صياداً يقتربُ من شجرةٍ
مصوباً بندقيةَ صيدٍ نحو عصفورٍ ،
بسرعةٍ جنونيةٍ ،
رسمَ خلفَ الصيادِ كلباً شارداً ،
نبحَ الكلبُ ،
ارتبكَ الصيادُ ، ارتجفَتْ يداهُ ،
انطلقَتْ طلقةٌ مرّتْ أعلى الشجرة ،
العصفورُ سمعَ صوتَ الطلقةِ ،
طارَ مغرداً شاكراً الكلبَ .

وضعَ الريشةَ ،
أغمضَ عينيه ،
رأى خراباً ،
رأى دماراً ،
رأى أشلاءَ مبعثرةَ ،
رأى طاغيةً ،
بسرعةٍ جنونيةٍ أمسكَ الريشةَ
و بعينيه المغمضتين ،
رسمَ سجناً كبيراً
وضع فيه الطاغيةَ
و كلَّ القَتَلةَ .

في اليومِ الثاني باعَ اللوحات
و أعطى ثمنها للصياد. .

 

 

زكريا شيخ أحمد – سوريا – مقيم في ألمانيا 

_____

 

-1 فخاخ بيضاء
__

مياه زرقاء
وأدمغة زرقاء
وأخاديد مالحة.

كدوائر البسكويت
نغمس هشاشتنا في البحر.
خيباتنا..
نصطاد أحاديثنا  ..
تقزم البحر
ونحن…..
نحن لم نكبر..!!!!
••••

للبحر أن يتخلى الآن  عن ٱبوته
الباطلة
ويعتق ما تبقى من سلالة الكلام،

ولك أن تتخلى عن تقاسيمك القديمة
وتركض عاريا في الشمس،
أن تفلت لسانك في النص،
وتكتب لبحرك أنت ،

إنسانك “البسيط” “الكامل” بك
حزنك “المجتث”  “المتقارب” منك
رصيفك “المُحدٓث”  “مضارعك”الغد
شارعك “الطويل” “المديد”بأسمائك أنت
دع أسماء غيرك للريح والتف وحدك كطريق جبلي ..

راود شيطانة الشعر تارة  عن “وافر” المعنى وتارة…

قشر أناملك مرتين
ثلاث، اربع
ثمان، عشر ….. بحسب الحاجة لريش حمامٍ أو منقار ديك…

“خفيفا” لتعبر نصفك المبلول
حادا لنقر الأصداف الصدئة في عيون العشب…..

‘في البحر فخاخ بيضاء.

لا تغتصب سنبلة أصغر من فكرة
ولا تزوج نفسك بظل أكبر منك بمفردتين…..

••

حرر علاقتك المعقدة بالنص
واغرس حوافرك البائسة في ظهر الغيب.

غدا، يسقط مغشيا على نفسه،
الضلال بلا رحمة
ويظل المكان أبيض،
أبيض لا يملك من اسمه مآوى..

بعد غد ستقرأ نعي التنين الآخير
على لفافة نقانق يابسة،
تصدق بها عليك من مائدتك،
ولك أن تتخيل
جحافل الدببة وأسراب الخفافيش
المحتشدة في القصر..

في الخانة العاشرة من النص القادم
تختنق الحرب………

_2

جنس الناي
__

أود لو أكتب
نصا
لا تهزمني فيه رائحة
البارود
ولا تأكلني فيه الشوارع والليالي
الباردة،

نصا
ولو لمرة واحدة في عمر
أناملي
الأطول  
من فهقة مساء على الحائط،

نصا
بماء الورد يسقطني گـ”جين” متفرد
لجنس الناي
وأسلاف الموسيقى.

مللت….
مللت الكتابة بالدم والدمع
ومللت هزائمي.



أود لو أكتب
نصا
واحدا يا الله
ينبذني في العراء ليتسنى شكرك
في مساحات الرضا

بدلا من تعرضي
نازفا
ثائرا
رافضا
باكيا
شاكيا على بابك،

نصا
بلا مؤأثرات
بلا مجاز
بلا انزياح
بلا عقد،

مبيضا نقيا واضحا
كأنت،

نصا
يعيد لي الموجات الصوتية
لكلماتك الٱولى،
لطنين أناملك على جسد الصفصاف
وأنت تخلقني من العدم.

نصا
بأي لسان وأي شكل تريد….

– في شتلة وليدة تحبو الى فناء منزلنا
وتستلقي في الشمس،

– في  شجرة حلوبة في الوادي،

– في حقيبة طفل ذاهب أو عائد من مستقبله البعيد،
الـقريب،

– في سور حديقة مزهرة بغدٍ مكتظ
بي وبك،

– في عيون الباعة
في بضائعهم البسيطة
وبساطتهم
الودودة،

– في تخمة الرصيف وأناقة
المتجولين…..



أود أن أكتب
نصا
يفلتني من أمعاء الحرب مبلولا بكل قذارتها
الكريهة
ويرمي بي في غسالة
ٱمي،

غسالة ٱمي.!!
يا الله..!
إنها لا تعمل منذ ربع قرن
فهل ستسألني
لماذا..؟!
وأنت تعلم أنها لا تدور في العتمة،
ونحن هناك…..
في إبط
شارع كسول
وفم دبابة جائعة،

نلعق عتمة
النهار
وعتمة الحي
وعتمة النص…

سئمت….. قراءة
القذائف
وتصفح الأشلاء.

مللت…. الكتابة بالدم والدمع
ومللت هزائمي،


أود أن أكتب نصا لحبيبتي……..

_3
عدم
_____

أنا لم ٱخلق بعد،
فلماذا أخشى
الموت،؟
المرة الوحيدة
التي حاولت فيها الخروج من العدم
كانت من نصيب امرأة مصابة بمتلازمة
“اكتور دكتايلي”

أكملت أنا إحداهما
وأكملت هي
الٱخرى
بالفقرة الوحيدة على ظهري.

******
المدى أقصر مني
والٱفق لا يتجاوز سقف
صفيحتي الصدئة في أسفل
الحي،

فلماذا قد أخاف السقوط .؟

****
تحت أحداق “الكلاشينكوف” شارع
عاري
/تقول جارتنا/
وأماكن ملغومة بنوايا الموت.
لا تعبر الشارع….. الحرب بوابتك الوحيدة
للعدم،

سأعبر الآن.
يقول طيف من العدم الطفولي.
تلك الأماكن أنا
ونصف الشارع ملكي..

عبـــــــــرت…..
ولم يشفع لي شتات قميصي
الوردي.
ولا أحذيتي المبتورة…..!!

في الأمس
تحديدا بعد سقوط الليل
في ضمائر السلطات
بدقائق،
وشت بنا أضواء السيارةِ
لوحش في التلةِ
المقابلة.
ألتهمت قذيفته كتف
الرصيف
وشيء من رأس صديقي..

صديقي سيكون بخير،
لكنه سيعيش بلا وجه
تماما
كهذه
المدينة…

 

معاذ السمعي – اليمن

_____

 

نصوص

1-مضاجعة

لم أَعدْ من أجل الصقيعِ المتسربِ
إلى أطرافِ روحي
أحتاجُ إلى امرأةٍ
أو أهتمُّ بطقوسي العتيقةِ
واحتشادِ الأصدقاءِ
والذهابِ إلى المسامرةِ
وارتقابِ من خلال نافذتي القمر
والنظرِ إلى النجومِ
والشكاءِ كما يفعلُ العشاقُ..
أمكثُ وحيدًا في عزلتي
أضاجعُ القصيدةَ
وأخافُ أن يُطرقَ بابي

2 – سواد

ثمةَ من يضحكُ ويرقصُ
ممتطيًا جيادَ النشوةِ
وأنا الوحيدُ
أنظرُ في سديمٍ موحشٍ
أقدامي تخبُّ في رمالٍ
متحركةٍ
أحاولُ أن أتنفسَ
من خلالِ قصيدةٍ مثقوبةٍ
أبحثُ عن شرارةِ وميضٍ
أنعشُ بها قلبي
وأسرجُ ليلي المكبلِ بالسواد.
أصيرُ فراشةً
وأمتصُّ رحيقَ شعري وأطير

3 – علامةٌ كاملةٌ

من المسحيلِ أن تقبضَ
على قصيدةٍ
تطيرُ وتهبطُ
في مجاهيلِ بودليرْ ورامبو
والماغوط
ورياض الصالح الحسين
تتقلدُ القمرَ والعصافيرَ والحدائقَ
تعتلي عرشًا لم يُطَلْ
بعلامةٍ أدبيةٍ كاملةٍ
تنهي الشعورَ بقلةِ الموهبةِ
والغوصَ في المعارفِ والفنونَ
والهروبَ إلى اللغةِ
وترويضَ الأخيلةِ
والعيشَ في الاستفزازِ
والمشاهداتِ
والجَيَشانِ بالحنينِ والتأملِ
والمشي دونَ أقدامٍ
والطيرانِ  بلا أجنحة

4- هامش

ماذا أقولُ وأنا لم يعدْ
لي حبيبٌ ؟
أيها الشعرُ
امنحني قصيدةً مضيئةً
ثمة شعراءُ يبتهجون
وأنا الوحيدُ أتلفتُ
نحو السماءِ
اتلمسُ مخيلتي الغائمةِ
تبدو الهوامُ أكثرَ حريةً مني.
ماذا يصنعُ شاعرٌ مثلي
على الهامشِ
مساؤه جثةً هامدةً
قلبهُ يحاصره السكون.

5- إفلاس

كيف أخرجُ من هذا الفراغ ؟
تعالي نهربُ إلى أغنيةِ
أبي بكر سالم ” يا سُمار  “


أدركُ أنني بلا حبيبٍ

أو صديقٍ
أو مسلكٍ للكتابة


مفلسٌ أنا من المباهجِ

والطيران
لم يعدْ حرفي يُلحُّ بالخروجِ
واقتيادي نحو العزلةِ
والجلوسِ إلى الورقِ

أبدو كأرضٍ غيرَ نافعةٍ
أو كشجرةٍ في الشتاءِ
يطمرها الثلج

وأنا الذي من نبيذِ الأغنياتِ
وخبزِ القصائد
لا أرتوي وأتخم.

 

2-
______
1-تحية

ثمّةَ نوافذٌ مسكونةٌ بالعصافير..

العصفورُ الواقفُ
على ضلفةِ النافذةِ
يحييني بمنقارِهِ الملوّن ..
يُسمِعُنِي أغنيةً شجية .

2- سيمفونية

عندما يطرقُ المطرُ نافذتي
تتبرعمُ داخلي
أكثرُ من وردة

من ضحكتِها يطلعُ الربيع
وتهفو لها
أسرابُ الفَرَاش.

3- اغتباط

اتلمّسُها بأناملِ القلب
فاتحًا كلَّ نوافذِ روحِي
أستمهلُ الخطوات .

4- سفر

الشتاءُ يستدعي أن تكوني معي..
الحاجةُ إليكِ مؤلمة..
وأنا أصطدِمُ بالفراغ ..
منحنيًا على الأرصفةِ
أُحاذِي المنازِلَ والأسوار
أجرُ أوجاعِي كقطارٍ مُثقَل.

5 -غرسة

تعالي قبل أن يغمضَ
النهارُ جفنَه..
بودي من هذه الشجرة
اقتطاعُ فرعِكِ
وغرسُه في طينةٍ أُخرى .

6- بُكاء

أنا وأنتِ ضحايا حربٍ
تمنيتُ نهايتها ..
قبل أن يبدأ الشتاء ..

لم أعد إلا قيثارةً
مبحوحةً  تبكي الوطنَ
في غرفةٍ  ليس لها نوافذَ
وجدران لها شكلي.

7- مواء

مساءٌ باردٌ ومكالمةٌ
لإشعالِ النارِ لا تجدي ..
وكغريبٍ ليس له
غير أغانٍ يدندنُ بها
وآهات ..
يُعشِّبُ الحزنُ فوق مواضعَ
تركتها أقدامُه ..
في الصقيع، يموءُ كقط.

 

8- غفوة

مثقلٌ أنا وعلى قلبي
من الأسى ما يجعلٌ
ليليَ بائسًا..

سأستحِمُ بالموسيقى وأغفو
بين دفَّتي كتاب.

9- تأبيد

لم أعد أنا .. وأنتِ ناقمةٌ
تحملين العتابَ الجّم
وتنكرينَ القسوةَ
التي صرتُ إليها..

لا حياةَ هنا
لا ثغرةَ أتسربُ منها ..
يا إلهي كيف سأقوى
على تأبيدِ الغربةِ
دونَ الابتلاءِ بلعنةِ الكتابةِ
والتسكعِ مع أخيلةِ القصيدة .

 

10- فخاخ

كم مرةً أخطأني الفرح ؟!
لم أهادن ..
وأنا أتخطى الفخاخَ ..
وحدي أقلّبُ وجهي
في الحيطان
أيُ معجزةٍ تستطيعُ إضحاكي؟
وجهُ الحياةِ صارَ قاتِمًا..
أيكونُ غيابُك بهذا اللون ؟
أتلمّسُ أحضانَك لأغفو..
أكادُ أرى الدمعَ
والشعرَ المُنحَسِرَ بأسىً
فوق الجبين.

11- اغتراب

أشكو التضجّرَ ..
لا قصيدةَ تزاوِرُني
لا كأسَ مترعةٌ في الصقيع..

تبًا لهم.. كلُ شيءٍ يذهبُ
إلى الأسوأ..

ماذا عن الفجر..
أمي وخبزِها
الندى في الحقول
حبيبتي عندما تصحو؟


عبد الغني المخلافي – اليمن

 

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *