خدعة

ماهر نصر

 

هذه المرّةُ
عليّ أن أخدع َ موتي،
ومن زيت عظامي أشعلُ فتيلاً،
ومن بكاءِ أصابعي
أرسم جدولاً،
أستحمُّ فيه كسمكةٍ لا يعرفها صيادٌ،
فالموتُ لا يغرقُ الأسماك.
عليَّ أن أدربَ الكلبَ النائمَ،
فلا ينبحُ
حينما يرى الموتَ عارياً وجميلاً،
كفتاةٍ ناهدٍ،
تحملُ في صدرها حبتين من عنبٍ،
وتنسدلُ على ظهرها أغصانُ شجرتي،
وتحت هضبتها
(حيث يتدحرجُ الماءُ كقنفذٍ)
أشكِّلُ حديقةً،
عشبُها ساحةٌ واسعةٌ للحروب .
عليَّ أن أترك الكلبَ،
جاثماً على البابِ،
ورافعاً ذيله لأول نجمةٍ تسأل ُعني،
وللكلبِ أن يحرسَ آخرَ دمعةٍ لم تسقط،
وبهدوءٍ
يمنعُ جثثي المعلقة في أغصان الشجرة،
أن تنزلق إلى قبورها،
عليَّ أن أربط الكلب بحبالِ صوتي،
أن أخدع الموتَ،
وأحمل قبري كقبعة فوق رأسي،
وأن أمنحَ الفتاةَ عينيَّ،
وأختفي تحتَ هضبتها في ضوء النهار.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تلك الحياة

غسان زقطان ذاهبٌ كي أَرى كيفَ ماتُوا ذاهبٌ نحوَ ذاكَ الخرابِ ذاهِبٌ ...