فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

نشيد الظمأ

نبيل نعمة

 

للمأزومين انتصارٌ،
وللمتربصينَ بالزمنِ هزائم…
صرتُ ميالًا للعدمِ،
أتخيلُ العالمَ رسالةَ احتجاجٍ مقتضبة،
والحياةَ،
مجرد فراغٍ كبيرٍ.
لا كائناتٌ معي أو حولي،
كل الذين أحبُّهم غادروا من الباب
تركوا لي نافذةً،
أطلُ منها على أشجار عارية.
في احتجاجها،
كم تشبهني هذه الأشجارُ؟
وهي ترمي بالجمال للشوارعِ،
وللطبيعة أغصانَها القاحلة.
منزوٍ،
لكن لا دليلَ على إنني وحدي.
معي، كمية لا بأسَ بها من الهواءِ.
رسائل للموتى..
وللممسوسين بالنجاة كلمات،
بدء ألوِّحُ به للمدى.
معي خسائر لا عدَّ لها.
كم هي بليدة حدود السعادة؟
معي ظل،
جرحه في رأسه،
إنَّه انكساري في جواري.
أرأيتُم غريباً مثلي؟
إنني أسترشد بقلبي الصغير الذي لا يأفل،
تاركاً عظمة الشمس،
تتلاشى عند الأفق.
أتجلى في عزلة،
أبرر فيها انزوائي عن المدن،
وعن الفوضى التي تتكاثر.
كان اللهُ معي؛ كلانا يعاني من الوحدةِ،
ومن الصوت الأعزل …
كنّا نردد الأغاني المهملةَ،
ونستعيدُ الأحلامَ اللاطائلَ منها..
نتعذبُ من الليالي،
ومن اللاجدوى في التفكيرِ
بالقلقِ الذي يحدثُه الصباحُ.
كانتِ الأيامُ،
تتكسرُ مسرعةً في انتظاري.
لا غبطةٌ تمرُّ من النافذةِ،
ولا فكرةٌ متشائمةٌ تغادر الباب.
إنني كمن يؤسس لتفاصيل أُلفته،
مع ما تبقى من حنين،
حنيني الذي انكسر.
عازفٌ عن الاندماجِ في الضوءِ،
أحكمُ وثاقَ العزلةَ،
حتى لا يتسربَ إليَّ من الجهاتِ ضجيجٌ،
ألاطفُ صوتي، صرنا توأمين.
أقايضهُ بجدولٍ،
تتفتحُ في جريانهِ مساماتُ البلادِ.
آه للبلادِ التي تتجمعُ فيها خلاصاتُ الجري.
البلاد التي تتكر ربي،
مثلَ نشيدٍ للظمأ.

 

 

* شاعر عراقي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *