ضياف البرّاق
أنا دائمًا مُضْطَرِب. لهذا، آكُلُنِي باستمرار، ذهابًا وإيابًا. آكُلُني بنهمٍ مقرف بلا حدود.
أثناء حركة اضطرابي، كل ما هو حولي يبدو إلى نظري غير طبيعي. أو غير حقيقي. أو لا شيء.
طبعًا، لا أعرف سببًا لهذا الاضطراب الفتّاك! ولا أريد أن أعرف!
صارت المعرفة تزيدني اِضطرابًا.
أشعر الآن باضطرابٍ شديدٍ في شخصي غير الواعي. أو في نقيضي الحقيقي.
كأني أنتظر ورقة الاختبار الأخيرة في قاعة كبيرة في قعر الجحيم، أرضيتها تحترق. قاعة بلا جدران، كُلّ ما فيها يحترق من أطرافه، ولكن في صمتٍ مُطْبَق.
ها هي روحي ترتعد بجنون على شفير هاوية واقعة خارج الخارطة الكونية المعروفة.
الأشياء التي في داخلي.. جميعها على وشكِ الغرق التام في غول مصفوفة غرائبية، لا نهائية، سوداء كلها.
أقرأ الوقت من شاشة هاتفي.. هو الآخر يبدو لي فارغًا ومُضطرِبًا في آن. يرعبني اضطرابُ الوقتِ، أكثر من رُعْبِ اضطرابي. اِضطرابُ الوقتِ يجعلني أشاهد العالمَ وهو يبتلع نفسه كاملًا، ثُمّ يضحك في وجهي بأشد وأفظع سخرية، مُصدِرًا في أعماقي صوتًا أشد رعبًا.
لا شيء طبيعيًا مع هذا الاضطراب. لا شيء موجودًا في مكانه الأصلي.
أتمنى لو أن الزمن يتوقف بالكامل، فيتوقف عندئذٍ اضطرابي اللعين. الحياة الرائعة فعلًا، ليست موجودة إلّا خارج الزمن. أمّا أنا، فمستحيل أن أتوقف. إنني مهووس بالركض الدائم، السريع، بين العواصف الهائجة. يفتتني الموتُ الذي يتخاطفني في الطريق.
يقتلني هدوئي البارد، لا ضجيجي المُرتبِك.
الليلة لن أقرأ حرفًا، لن أفكر في شيء، لن أُقاوم شيئًا، لعلّني قد أهدأ قليلًا.
أجل! اِضطرابي بلا نهاية!
اضطرابي لا يهدأ، لا يُقاوَم، ولا ينخفض مع مرور الوقت. اضطرابي يفوق حجم اضطراب بلادي، بمراحل.
أنا دائمًا ماضٍ إلى ما لا نهاية. لرُبّما هذا سببُ اضطرابي. لستُ مَن يخشى الموتَ على الإطلاق، إنما أخشى استمرار هذا الاضطراب الذي يعصف بي من جميع أجزائي.
أنا الاضطراب الذي يبتلع كل شيء، ولا يشبع من الموت.
أنا هاويتي المُضْطَرِبة على الدوام.