فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

أخبار ثقافية

ندوة فنية ثانية للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح

متابعات ثقافية: باريس

 

عقد المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح ورشته الفنية الإليكترونية الثانية بالساعة السادسة بتوقيت باريس مساء الاحد 17 نوفمبر 2019 وكان موضوعها ” الممثل في السينما والمسرح”، والتي اديرت من المخرج السينمائي حميد عقبي ـ رئيس المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، شارك فيها كل من الإعلامية والكاتبة د. رباب حسين من مصر والمخرجة والممثلة نرجس عباد من اليمن والمخرج محمد الحجيري من البحرين والمخرج عمار عبدالغني من اليمن.

تم مناقشة عدة عناصر وقضايا مهمة دارت حول الممثل في السينما والمسرح وركزت على أن الممثل عنصر إبداعي فعال ومهم وأن مهمته ليست سهلة ويجب أن تتوفر فيه صفات إبداعية وضرورة وجود الموهبة والثقافة والفهم وحب العمل وملكة الخيال وأن ينمي هذه القدرات ويكون فنانا مبدعا وخلاقا..

افتتح حميد عقبي ــ مدير الندوة، الندوة، مشيرا في مستهل مداخلته إلى أن الممثل أو الممثلة طاقة إبداعية وهي أداة مهمة لتوصيل الفكرة الفلسفية للعمل، فوجود مخرج جيد ونص جيد لا يكفي لنجاح العمل دون وجود كادر تمثيلي مبدع ومتفاهم، الممثل الجيد هو من يفهم النص ويفهمك كمخرج، فأي شخصية بالفيلم أو المسرحية تحتاج من يعيشها ويبعث فيها الروح وليس فقط يشخصها، والممثل الضعيف يكون متعبا ومرهقا للمخرج وبقية طاقم العمل وتزداد كلفة الإنتاج بضياع الوقت.
وأضاف عقبي: الممثل من يمتلك قدرات إبداعية وإحساس ومن الطبيعي أن تكون هناك نقاشات حول النص والعمل الذي يتحمل المخرج إدارته ولكن ضرورة وجود إيقاع متناغم بين الطاقم الفني والتقني امر مهم جدا لأي عمل ناجح.
كما تطرق عقبي بشكل سريع للفضاء المسرحي والسينمائي، مؤكدا ضرورة أن يكون الممثل مدركا لهذا العنصر وكذلك ملما بلغة المسرح والسينما، فمثلا أن تكون لقطة متوسطة فالحركة تكون محدودة حيث أن البلاتو السينمائي تحكمه قيود تقنية وأي خرق يحدث خلال (راكور) أو ظلال وغيرها من المشاكل.
وتطرق إلى أهمية أن يحس الممثل بقيمة جسده ووجهه وما يمكن أن يفجر الوجه من دلالات تتدفق دون تكلف أو صناعة مفتعلة، فالممثل ليس دمية يحركها المخرج بل هو عنصر فاعل وفعال ومتفاعل.

وعبرت د. رباب حسين من مصر، عن شكرها للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، على هذا النشاط. ومتحدثة حول أدوات الممثل على المسرح، نوهت رباب حسين على ضرورة أن يمتلك الممثل ثقافة واسعة وهو هنا يعتمد ويوظف جسده وصوته وضرورة أن يتم خلق إيقاع في الأداء وتلوين إبداعي، فلا يمكن أن نسمي من يقف على المسرح ممثلا إذا كان لا يتقن فن الإلقاء ويجهل وظيفة الصوت.
وترى حسين أن التلوين الصوتي المصبوغ بالإحساس الصادق يخلق سحرا مدهشا على النص، فالعبارة وربما الكلمة الصغيرة قد يكون لها تأثيرا مدهشا عندما يقولها ممثل أو ممثلة مبدعة، ثم تطرقت لعنصر مهم جدا، فالممثل في أي عمل فني مطالب بفهم الشخصية وما تحمله من دلالات وقيم وأفكار ويدرك مفاهيم الشخصية وتنقلاتها وتعقيداتها وموقعها من الأحداث الدرامية، عليه أن يثق في نفسه ويكون مقتنعا بها شخصيا بعد أن يحللها نفسيا واجتماعيا ودراميا. كما تقول.

ثم تحدثت الممثلة والمخرجة المسرحية نرجس عباد من اليمن، معلقةً على ما تم طرحه، بقولها: إننا عندما نتحدث عن ممثل فوق خشبة المسرح فنحن مع جسد ديناميكي متحرك لا يفوت لحظة على المشاهد ولا يدعه يفلت من يده، فكل لحظة مشحونة بالمتعة والاثارة والاحساس، وكي يحدث هذا يجب أن يدرك الممثل ويفهم بقوة النص ويعي كل كلمة يقولها فهو قادر وذكي في تحليل الشخصية وقناعته بها وكذلك الانسجام والتفاهم مع المخرج، الأداء الجيد يكون ببساطة وحرفية بعيدا عن التعصب والتكلف والمبالغات.
وأشارت عباد إلى أن المسرح يعني الجسد ودون جسد لا يوجد مسرح وهناك مسرح فارغ وضعيف في حال فراغه من كادر تمثيلي مبدع يعي قوة سحر الجسد، الممثل هو الأساس وعليه أن يستمع لتوجيهات المخرج ورؤيته، الممثل الحقيقي موهوب بالفطرة وينمي هذه الموهبة بالدراسة والعمل وكسب خبرات ومهارات ويثقف نفسه وهو متواضع وصبور.

وشارك عمار عبد الغني مخرج مسرحي وتلفزيوني من اليمن مستهلا مداخلته حول ضرورة أن يعد الممثل خطة مدروسة لأي دور ويناقش مع المخرج كل التفاصيل ثم يعود إلى نفسه، أي شخصية تحتاج لتحليل فكري ونفسي واجتماعي وكذلك أن يكون كل ممثل وممثلة يدركون ويفهمون النص وكل شخصياته وقضيته وهكذا يجب أن يُعطى للعمل حقه من نقاشات طاوله إلى نقاشات وبروفات الخشبة.
يؤكد عبد الغني ضرورة أن يتحرك الممثل للبحث عن شخصيته والقراءة عنها وإدراك مزايا وصفات الشخصية الجسدية والنفسية وعدم التساهل في التدريب والبروفات مع المخرج وطاقم العمل.

ثم عقّب رئيس المنتدى حميد عقبي على المداخلات، منوها بمشاركة رباب حسين وتناولها لأهمية الصوت وأضاف من ناحيته: إن فن الإلقاء من الأساسيات وهو يدرس بكل المعاهد والأكادميات الفنية في السنة الأولى. كما أن التلوين الصوتي وقدرات الإلقاء مهمة أيضا في السينما ولا يمكن أن يعالج المونتاج ضعف الممثل في هذا الجانب، قدرة إبداعية صوتية لا تعني الصراخ ولا الخطابة، فالصوت متصل بالجسد والوجه وتتكاتف هذه العناصر مع عناصر تكميلية لخلق متعة مشاهدة فيها خيال وروح.
وقال عقبي أن فهم الممثل للغة السينمائية وإدراكه ما تعني لقطة ونوعها وإحساسه بالكاميرا وموضعها، كل هذا يتطلب منه مهارة إبداعية للتعامل مع كل لقطة وهو يوفر الجهد والمال.
ومعقبا على مداخلة الفنانة نرجس عباد، قال رئيس المنتدى إن فهم النص ضرورة، فالنص يشمل ليس دور الممثل فقط بل كل المشاركين والمشاركات حتى في المونودراما فممثل أو ممثلة واحدة لا تعني وجود شخصية واحدة فقط فالنص أكيد يتعرض ويعرض عدة شخصيات وهي يجب أن تكون حاضرة وحية.
كما أكد على مسألة الموهبة الفطرية التي تحدثت عنها (عباد) واضاف إلى واقع المشهد السينمائي المصري اليوم وخاصة تلك الأعمال الغير فنية التي ينتجها السبكي واختيارات ساذجة للمثلين وممثلات شوارع لا يمتلكون أي مواهب ولا تأهيل واحتقار متعمد لمن لهم خبرات فنية بحيث يأتي بوجه فني حقيقي في دور ثانوي ضعيف وأصبح من لهم خبرة وإبداع يعانون البطالة والتهميش وصعود شلل تافهة فهذا قصم ظهر السينما المصرية وافقدها توهجها الذي دام لاكثر من نصف قرن على المستوى العالمي.
وبخصوص مداخلة عمار عبد الغني، أضاف عقبي: لا بد أن يكون الممثل باحثا ويولي كل شخصية أهميتها وهذا البحث قد يكون في الكتب ومشاهدة أعمال سابقة وأيضا في الواقع المعاش فمثلا شخصية متشرد أو سكير تحتاج أن يخرج الممثل إلى الشارع وأن يشاهد ويتأمل ويعايش وأن من يعيش من النجوم في بروج مرتفعة ومتعالية قد يعجزون تجسيد مثل هذه الأدوار.
من ناحيته، قال الفنان محمد الحجيري من البحرين، إن الممثل المبدع باحث آخر غير المؤلف والمخرج، وقد يتغلب عليهما في خلق الشخصية وهذا في حال فهمه لكل الشخصيات ليكون شخصية مختلفة وقوية وبعمق، وكل هذا يأتي من خلال قدرات إبداعية يضاف عليها خبرات حياة تراكمية والمعرفة ولكن عليه فهم البيئة التي تتواجد بها الشخصية ومعايشتها، هناك من جسد شخصيات تظل خالدة في أذهاننا وتاريخ الفن، الممثل الواعي لا يكرر نفسه ولا يقلد بل يبتكر وهو يدهشنا في كل لحظة من الدور وحتى إن كانت له أعمال كثيرة، فالممثل ينسجم ويعي دور الكاتب والمخرج وهكذا كل واحد يعزف عزفه لخلق لوحة مسرحية مدهشة.
ثم عادت د. رباب حسين لطرح عدة قضايا أهمها مأزق أن يكون النص متواضعا أو ضعيفا وهنا يزيد التحدي ويتطلب منه أن يضيف عليه يبتكر عناصر تشويق. وتحدثت عن الفنان محمد صبحي في مسرحية كارمن “هنا نحن أمام فنان مبدع أدهشنا بطرق غير عادية، فهو كوميدي غير عادي مثلا في نهاية المشهد تحدث بسرعة وانفعال وأضاف للنص الكثير وخلق أبعادا جميلة قد لا يدركها قارئ النص أو ممثل آخر يؤدي نفس هذا الدور”. وحول إشكالية عمل الممثل المسرحي في السينما أو العكس، أشارت حسين إلى أن القدرات الإبداعية مطلوبة في التمثيل السينمائي بقدر ما هي ضرورية في العمل المسرحي، فأي تهاون وتكاسل يعني هبوط العمل ولا يجب أن نتعصب لأي فن ولكل فن لغته الخاصة وتذوق وجمهور وقد نجد ممثل سينمائي جيد ومبدع لكنه لا يجازف بالصعود على الخشبة وهذا لا يقلل من فنه وكذلك هناك من يهب نفسه للمسرح فقط.

وختم حميد عقبي الندوة الفنية الثانية للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح من باريس، مشيدا بمشاركة وتفاعل ضيوف الندوة من مصر والبحرين واليمن ومتابعة 150 متابعا من عشرين دولة، بعضهم طرح أسئلة أو تعقيبات. ويتفق عقبي مع ما طرحته مداخلة الفنان البحريني محمد الحجيري، في أن كل دور هو بمثابة امتحان حقيقي وصعب لأي ممثل أو ممثلة وأن التاريخ المسرحي والسينمائي العربي به عشرات من الرموز الخالدة والتي أصبحت مدارس فنية وأن التمثيل فن إبداعي خلاق.
كما شكر عقبي كل من شارك وتابع نقاشات وأطروحات الندوة التي هي أحد نشاطات المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح وتتم إليكترونيا عن بعد وقال إن هناك عدة أفكار لتطويرها واستمراريتها.

 

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *